أمام إرادتها سقط المستحيل…

رغم الأسى الذي حل بها قررت أن تكمل حياتها كناجية لا كضحية… يشفق عليها كل من يراها، مصرة أن تعيش حياتها وتستغل كل لحظة فرح التي من حق كل فتاة من عمرها أن تعيشها !!.

فاطمة من قرية الدير الشرقي بريف ادلب الجنوبي (20) عاماً، تزوجت منذ أربع سنوات بشاب من بلدة مجاورة لقريتها، في ذلك الوقت كانت تبلغ من العمر (16) عاماً فقط، كانت حياتها معه تشبه الجحيم اللغة المتعارف عليها فيما بينهم من قبله هي الضرب لأتفه الأمور، في إحدى المرات تسبب لها بكسر في الكتف ولم يمضي على زواجهم سوى شهر واحد.

لم يتوقف الأمر على هذا فحسب، لقد مرت فاطمة بحادثة كادت تودي بحياتها، ولكنها نجت منها بأعجوبة.

تحدثنا فاطمة عن قصتها” بدأت الحادثة بمشاجرة بين زوجي وأهله، وبعد ملاسنة دخل إلى غرفتنا مسرعاً والشرار يتطاير من عينيه، فلحقت به لعلي أهدئ من حاله قليلاً، كانت تفصلني عن الحادثة التي قلبت حياتي كلها بضع ثوانٍ، المسدس بيده يتنقل كالمجنون بالغرفة، وبدأ بإطلاق النار، لم أعد أعرف ماذا أفعل”.

تتابع فاطمة” جلست على الأرض من شدة الخوف وأغمضت عيني، حاولت أن أنهض لم أستطع كان هناك شيء يمنعني من ذلك، فقمت بسند ضهري بيدي لعلي أستطيع النهوض أتفاجأ بيدي مملوءة بالدماء لأكتشف بأن طلقة دخلت من خاصرتي اليسرى وخرجت من ظهري”.

من هنا بدأت المأساة والمعاناة التي عاشتها تلك الفتاة، لم يكف أنها لم تكمل تعليمها وتزوجت وهي طفلة من شاب لا يمت تفكيرها بأي صلة، دخلت سجناً مظلماً كئيباً بدلاً من القفص الذهبي التي تحلم به معظم الفتيات.

تم نقل فاطمة من قبل أهل زوجها إلى مشفى بلدة تلمنس بريف ادلب الجنوبي، كان وضعها حرج للغاية حيث تسببت الطلقة بإصابة الكلية اليسرى بشكل كامل والطحال، بالإضافة إلى تهمش فقرة من العمود الفقري وكسر فقرة أخرى، كانت هذه الإصابة كفيلةً بأن تسبب لها شللاً نصفياً، وهناك جرت لها العمليات المطلوبة من فتح بطن وتثبيت الفقرات التي قام بها كل من الدكتور “محمد الجسري” اختصاصي جراحة عصبية، والدكتور “ثائر العوض” جراحة عامة.

تقول فاطمة” بعد أن علمت ما حل بي قررت الانفصال عن زوجي، وطلبت الطلاق منه، ربما كان قراري بعد فوات الأوان…ولكنني لا أنكر بأنني شعرت بالأمان عندما أصبحت حرة، خضعت للعلاج الفيزيائي لمدة سنتين تقريباً بمركز” دار أم القرى” ببلدة جرجناز تحت إشراف ورقابة طبية، بعدها تمكنت من الوقوف على قدمي والمشي ولكن بصعوبة”.

كانت مصرة فاطمة على إكمال حياتها بشكل طبيعي، حيث أكملت تعليمها وحصلت على الشهادة الثانوية بعد تشجيع من قبل أهلها وخصوصاً والدها الذي كان معها خطوةً بخطوة خلال فترة علاجها، وهي الآن تعمل في إحدى المشافي بقريتها في قسم الاستقبال بعد أن تم رفض طلبها بالانتساب لإحدى معاهد التمريض لتمارس مهنة التمريض المهنة التي حلمت بها منذ صغرها وذلك بسبب وضعها الصحي.

لحظة طيش وجنون من قبل ذلك الرجل كانت كفيلةً أن تودي بحياة فتاة ذنبها الوحيد هو أنها كانت تتعامل معه بتربيتها وصبرها، لكي لا تعود إلى بيت أهلها بعد شهور ويطلق عليها مصطلح مطلقة، ولكن بفضل إرادتها القوية وإيمانها الكبير بربها بأنها ستقف على قدميها من جديد سقط أمامها كل شيء مستحيل.

بقلم:شادية

اترك تعليقاً