نفيت من بلدي وإلى إدلب هجرت

كان عاما فاصلاً بكل معنى الكلمة، جعل كل الأحداث التي قبله تذهب بعيداً، وأحداث بعده تشتعل ولا ندري متى تنطفئ. 2011 عام الثورة رغم كل ما يشوبها من مسميات ويعتريها من خذلان وصمت، لكنه لا يزال لحظة ولادة فترة جديدة على الجميع ولم يسلم منها.

تخرجت في نفس العام من كلية الصحافة والإعلام في جامعة دمشق، كانت لا تزال الثورة في بداياتها، لم يتسنى لها العمل مباشرة، وخاصة أن الإعلام كان وما يزال موجهاً لخدمة النظام ويستقطب الموالين والمدعومين للعمل في مؤسساته. في هذه الفترة تزوجت “منيرة بالوش” 28)) عاماً وأنجبت طفلين. “كانت الثورة بالنسبة لي حدث كبير غير حياتي، وكان حلمي خلال السنوات السبع الماضية العمل بمجال الصحافة يتلاشى شيئا فشيئا، إلى أن استطعت منذ فترة ليست ببعيدة أن أمارس مهنتي وأمتشق قلمي من جديد وأكتب، لا تزال كتاباتي في أولى مراحلها وتجربتي ضحلة وخجولة، ولكني سعيدة أني وضعت قدمي في أول الطريق”.

في بداياتها كتبت “منيرة” في “صحيفة حبر” وهي صحيفة أسبوعية مستقلة، تعنى بأمور الثورة والمجتمع، وتولي المرأة حيزاً مهماً من تغطيتها، وتسلط الضوء على أبرز القضايا في مدينتي ادلب وحلب، كما كان لها العديد من المشاركات ببعض المواقع الإخبارية أبرزها موقع “نبض الإخباري” ووكالة “إفنت الإخباري”.

وعن خروجها من دمشق قالت منيرة: “ليلة التهجير من دمشق لا تزال عالقة بذهني جيداً، كأنها عصية على النسيان، تنبش في ذاكرتي وتنكأ الجرح كلما التأم، البرد القارس تلك الليلة لم يطفئ لهيب النار في قلوبنا، ونحن ننظر من نافذة الحافلة إلى تفاصيل الطرقات في الشام، كانت تودعنا والسماء تبكي فيختلط دمعنا المبلل بدمع السماء، كنت أمسح وجهي بيدي المبللتين وهما ترتجفان، وما كنت أدري أمن مطر تلك الليلة أم من مطر عيوني”.

سنة وشهران مضت على وجود منيرة وعائلتها في مدينة ادلب، وما حتم وجودهم هي خطة خبيثة وملعونة هذا الذي يسمى بالتهجير، بل أشبه بالانسلاخ الروحي الذي يجري على مرأى ومسمع العالم دون أن يحرك ساكنا.

“ادلب الخضراء تأبى هذه المدينة الصابرة إلا وتبقى نضرة خضرة بزيتونها المبارك وترابها المشبع بدماء طاهرة، احتوتنا ولملمت شعث غبارنا وربتت على أكتافنا، وحتى اليوم كل الأيام تبدو كليل سرمدي متواصل ينتظر إشراقة الشمس ليعود له النور الذي سلب منا، ونعود إلى ما قبل تلك الليلة الطويلة” بهذه الكلمات وصفت منيرة محافظة ادلب التي تراها درع الثورة وقلبها ليس لأهلها فقط وإنما لكل السوريين.

أما الآن جل ما تسعى له منيرة في حياتها أن تكون صوت المرأة الحرة، تساهم بنقل صورة واقعية عن قضايا المجتمع في المناطق المحررة بشكل عام، وما تعانيه المرأة من صعوبات في ظل الظروف الحالية على وجه الخصوص.

نوران المحمد

مزايا

اترك تعليقاً