الألبسة المستعملة وغلاء الأسعار في العيد

(تقرير)

“سناء العلي”
يبحث خالد (48 عاماً) وزوجته عن ملابس العيد لأطفاله الخمسة بين تل من الملابس المستعملة، (البالة) وسط ازدحام شديد، ويقول: “نحن مضطرون لأن نلبس أولادنا من البالة حتى في الأعياد، فغلاء الألبسة الجديدة هذا العام لا يتناسب مع دخلنا المحدود جداً”.
حال أسرة خالد ليست الوحيدة وسط تدهور الأوضاع المعيشية في محافظة إدلب، في ظل سنوات الثورة والحرب. وتقول زوجته: “لم نكن نرتاد محلات البالة سابقاً، خاصة في الأعياد، كنا نشتري الجديد، ولكن الغلاء قد تضاعف هذا العام أكثر من ذي قبل، ذهبت لأشتري ألبسة جديدة للعيد، تفاجأت بالأسعار المرتفعة جداً، ليس لنا القدرة على شراء الجديد”.
ورغم وجود حالة استقرار بعد وقف إطلاق النار في المناطق المحررة، وعودة الحياة تدريجياً، إلا أن الغلاء هذا العام نغّص الكثير من الناس هنا.
ويقول أحمد، وهو أب لثلاثة أطفال من بلدة معرة حرمة: “اشتريت لأبنائي ملابس جديدة للعيد، لكننا اكتفينا بالبسيط جداً، فغلاء الأسعار هذا العام مشكلة تواجه معظم الناس”.
إنها سنوات الحرب الطويلة، كان من أكثر سلبياتها فحش الغلاء، تدهورت أوضاع الناس وتزايدت نسبة البطالة، واستشرى الفقر داخل بيوت السوريين. ويرى الأستاذ حسن، وهو من بلدة حيش، أن “تدهور العملة السورية مقابل ارتفاع جنوني للدولار مترافقاً مع البطالة وقلة فرص العمل والنزوح هي الأسباب الرئيسية لانتشار الفقر في المنطقة”، بينما يرى قريبه مصطفى أن “جشع التجار وطمعهم هو سبب هذا الغلاء الجنوني”.
لكن محمد، وهو أحد تجار الألبسة الجديدة، يرى أن “سبب الغلاء ومصدره الرئيسي ليس التجار، وإنما الدولار وعدم استقراره وارتفاعه بشكل كبير مع صعوبة شحن البضائع من مناطق يسيطر عليها النظام أو من تركيا”.
تضاعف سعر صرف الدولار مقابل الليرة السورية أضعافاً مضاعفة في سنوات الثورة الماضية. ومع ارتفاع الدولار وقلة فرص العمل وغياب الرقابة تضاعفت الأسعار، والضحية هو المواطن السوري البسيط، فليست الألبسة وحدها من تضاعف سعرها، بل ترافق مع ذلك ارتفاع أسعار المواد التموينية والغذائية والمحروقات وكل شيء.
ويعتقد عبد الله، وهو من بلدة حيش، أن أمر الغلاء عادي والأسعار مقبولة مقارنة بسعر صرف الدولار قبل الثورة، ويقول إن “المادة التي كانت تباع بمئة ليرة كانت تقدر بدولارين، فمن الطبيعي أن تصبح بألف لتساوي أيضاً قرابة الدولارين، إنها نفس النسبة ولكن عملتنا تدهورت”.
وبالنسبة للأحذية يقول علي، وهو صاحب محل أحذية: “الأسعار هذا العام جنونية. لقد انخفض البيع مقارنة بالسنة الماضية بنسبة النصف تقريباً. أشتري بضاعتي بالدولار وأبيعها بالسوري وأحياناً يكون فرق العملة خسارة”.
أما أصحاب محلات البالة فيرون أنهم “أبطال يساعدون الفقير ويكسبون رزقهم حلالاً صافياً”، بحسب مروان، وهو أحدهم، قائلاً: “اشترى كثير من الناس ملابس العيد من عندي في هذا الرمضان. أسعاري بسيطة والإقبال مضاعف. أنا أكسب رزقي بالحلال وأساعد الفقير المسكين”.

اترك تعليقاً