ثورة ولكن

بقلم:” بيلسان الخطيب”
الإهداء: إلى كل من يهمه الأمر، إلى أولئك الذين احتسبوا على بلدي يشربون النفط من حقوله ويستأثرون خيراته لأنفسهم، إلى ضمائر طال سباتها وضاعت حقوقها وئيدة في جيوبهم وإلى كل متخاذل باع وطنن بحفنة دولارات، إلى كل من يرفع شعارات دينية مزيفة وفي قلبه نقيضها.

في بدايات الثورة كان الخوف لا يزال يعشش في قلوبنا من نظام فاجر غادر، وأشد الخوف كان مبعثه كثرة المنافقين أصحاب النفوس المريضة ممن ينقلون أي كلمة يسمعونها أو فعل يرونه إلى أفرع القتل والإجرام، تلك الأفرع الأمنية التي اشتهرت بقسوتها وسطوتها وبسط سيطرتها على كافة نواحي الحياة فقد كنا نخشى مجرد النطق ولو بكلمة عن ذاك النظام الفاجر الذي استباح الحرمات والخصوصيات إلى أن امتدت يده القذرة الملطخة بدماء المعتقلين إلى أطفال درعا، الذين لم يدركوا ما خطته أيديهم على جدران مدارسهم، مما أثار الغضب في درعا، وأشعل الحمية في باقي المحافظات، وأخرجنا عن صمتنا في ثورة غاضبة، نصرة للحق ورفضاً لكافة أشكال الظلم ,وتجسدت ثو رتنا بمظاهرات تنادي بالحرية والخلاص من هذا النظام المجرم,وكنا حينها نشعر بالرهبة عند الخروج في كل مظاهرة,ثم ما لبث الخوف أن تبدد كليل بهيم حالك السواد داهمته أشعة شمس أشرقت لتغزوه فانقشع تاركا المكان لنور ساطع يعم الأرجاء,لكن هذا النظام الماكر شديد الذكاء استطاع أن يحول ثورتنا من ثورة سلمية عبر مظاهرات تطالب بأبسط الحقوق وبقليل من الحرية والكرامة إلى حالة من الدفاع عن النفس من خلال قتله للمتظاهرين في وضح النهار وعلى مرآى من العالم المتبجح المدعي الإنسانية وأمام من يدعون أنهم مهتمون بما يعرف بحقوق الإنسان,وعبر تسهيل وضخ السلاح إلى المناطق المنتفضة ليكون له عذرا ولإظهار الثورة بأنها مسلحة وغير سلمية وأن له الحق بالرد القمعي.
وبعدما تطورت مراحل الثورة و أجبر الناس على حمل السلاح ليدفعوا عن أنفسهم القتل
لم يتردد الكثيرون في الانخراط في صفوف حملة السلاح للوقوف في وجه من يحاولون كم الأفواه وإسكات الحناجر التي صدحت بكلمة الله أكبر مطالبة بحريتها وكسر قيودها.
…………ومضوا في ثورتهم …………
حالمين آملين بالنصرالأكبر,ثائرين منتقمين لغصن زيتون أخضر,لدم شهيد من كل طهر أطهر……..لكن مع مضي الوقت وطول الطريق نزلت إلى الساحة غايات ومصالح جديدة,وذلك بإطالة عمر الثورة للإنتفاع منها ,ثم تضاربت المصالح واختلف الثائرون على تقسيم الكعكة فاستعانوا بيد خارجية لمساعدتهم ,فأبت اليد الجديدة إلا أن يكون لها نصيب من القسمة ,فلم يعجب هذا ثوارنا,وليتخلصوا من هذه اليد استعانوا بأيدي وأيدي جديدة مما غرز سكاكين أكثر في جسد الثورة وتضاربت وتقاطعت سكاكينهم من جديد ولتمضي الثورة عرجاء في طريق تشعباته من صنع أيدينا ………………………………….
ضلوا الطريق وراحوا يأكلون بعضهم البعض,وانحرفت ثورتنا عن مسارها كثيرا مع بالغ الأسف,مقاتلينا الحمقى من قادة وعناصر وشرعيين كلهم يقتتلون,طغت عليهم المادة وأمراض السلطة دون ستر او حياء,بات كل من حمل السلاح يقاتل كل من حمل السلاح ,ودماء أطفالنا تجري من تحت انقاض البيوت الهاوية ,واشلاء إخواننا تملأ الأرصفة وكل زاوية,ماتت فينا العروبة يا ذوي الأمجاد, فكفانا ذلا وهوانا وعار,لا بد من صحوتنا جميعا,لا بد لنا من ثورة استعادة لذواتنا ومبادئنا وحقوقنا,ولنرتقي بعلمنا وافكارنا نحو إعمار وطننا سورية من جديد ,وطننا الذي عاث الطغات بأرضه فسادا وأعياه طول الخضوع ,فحريتنا المولودة الموؤودة أكبر من أن تدفنها ايدي خبيثة عاهرة,وأحلامنا أسمى وأعلى من أن يطالها غمام الحاقدين.

اترك تعليقاً