يحمل أبو الوليد من قرية حزارين (85عاماً) ابنته نور الهدى البالغة من العمر شهراً واحداً ويغني لها بعض الأناشيد الجميلة بعد أن عاد من عمله بتقليم أشجار التين والزيتون التي تشتهر بها مناطق ريف ادلب.
“أصبح الغداء جاهزاً يا أبا وليد” تقول زوجته رحمة وعمرها (42 عاماً) من قرية كفرنبودة.
فيقبل لتناول الغداء بكل شراهة بعد يوم شاق من العمل أمضاه أبو وليد في الحقول خارج المنزل.
يقول أبو وليد أنه لا يستطيع الجلوس بلا عمل أبداً رغم كبر سنه فهو يشعر أنه بحاجة لأن يعمل دائماً كي لا يستسلم للكسل والعجز المصاحب لكبر السن.
زوجته رحمة مسرورة من زوجها وتصفه بأنه يتمتع بروح مرحة شابة ولديه أمل مستمر بالحياة.
قاسم (50عاماً) هو ابن أبي وليد من زوجته الأولى يؤكد أنه رغم الظروف الصعبة للحرب إلا أن أباهم كان له الدور الأكبر في منحه الصبر فهو يستمد القوة منه وخاصة بعد أن آثر الأب أن يبقى في البلد وآثر العمل في حقوله وأراضيه على أن يهاجر خارج البلد وناضل من أجل ذلك.
بالرغم من أن عدداً من أولاده هاجر إلى تركيا لقسوة الظروف.
أبو سعيد (55عاماً) الجار الأقرب لأبي وليد يعترف بمعاملة أبي وليد الحسنة ويصفه أنه من الناس النادرين الذين يتمسكون بالإصرار على النصر والحياة والتمسك بالأرض، وهو يحيي روح الأمل والتحدي والصبر التي يتحلى بها أبو وليد.
يتمتع أبو وليد بصفات أخرى جعلت منه بطلاً أخلاقياً فهو يحب مساعدة الآخرين وخاصة المحتاجين من الناس حيث يتحلى بروح التعاون
والتكافل، فهولا يحرم أي محتاج من معارفه وأصدقائه من المساعدة المادية،فيتفقد حوائجهم ويساعدهم بما يستطيع وربما هذا هو السر في بركة عمره ورزقه كما يقول جاره أبو سعيد.
ابنته صفاء (35عاماً) تقول بأن والدها من أوائل المعارضين للنظام وأنه تعرض للاعتقال بسبب ذلك وسجن عدة سنوات ثم أفرج عنه، توفيت زوجته الأولى فتزوج الثانية رحمة وهو في عمر(87 عاماً) تقريباً وأنجب منها ثلاثة أطفال حالياً حسين (5 سنوات) وربا (4 سنوات ) وأخيراً نور الهدى التي رزق بها منذ شهرٍ تقريباً بالإضافة لإخوتهم من الزوجة الأولى وعددهم/ 9أولاد/ .
أخلاق أبو وليد ومحبته للناس والحياة لم تتغير بالرغم من صعوبة الزمن والظروف بل بقيت أصيلة تستمد أصالتها من الأرض التي تربى عليها وهذا ما جعله يحظى بمحبة الناس من حوله ومحبة أصدقائه.
أبو سعيد يمجد فيه تلك الروح ويقول: نحن بحاجة لأناس كأبي وليد لنتعلم منهم الحفاظ على الحد الأدنى من مبادئنا وأهدافنا والسعي لتحقيقها رغم الحرب الصعبة.