تمر حياة ذوي الاحتياجات الخاصة بعدة مراحل، تبدأ بمرحلة الصدمة في بداية الأمر أي خلال اكتشاف المرض أو الإعاقة، ثم تليها مرحلة الإنكار والغضب وغيرها من ردود الأفعال الطبيعية المتوقعة والتي تحدث بالتدريج، ومع مرور الوقت تصل الى مرحلة تكيف مع الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة.
أم حسين رواية استثنائية لأم تعيل أولادها البالغين الأربعة من ذوي الاحتياجات الخاصة.
تقول أم حسين: “منذ صغري حلمت أن أتزوج وأكون عائلة جميلة وأطفال سليمين، ولكن حلمي تمزق وتلاشى كل شيء في غمضة عين”. تتوقف أم حسين عن السرد بينما تطعم أبنتها ثم تتابع: “تزوجت من أبو حسين كنا اسرة صغيرة مترابطة ولا نعرف الكره، أسرتي مكونة من خمسة أطفال حسين الكبير وهو سليم جسدياً وعقلياً متزوج ولديه أطفال ويعيش في تركيا، أما (احمد 40) سنة كان غير سليم منذ ولادته، وهذا ينطبق على (مالك 34) سنة و(ملك 32)، سنة و(بشار 28) سنة، جميعهم لا يستطيعون الحركة والمشي والقيام بأي شيء”.
كنت عاجزة عن السؤال وخجلة، فالواقع أمامي والوضع واضح ولا يوجد أدنى مقومات للحياة في هذا المكان، ولكن أم حسين عازمة على شرح كل شيء.
“ملابسهم دائماً ممزقة مهترئة ولا تظهر عليها أي علامة من علامات النظافة نتيجة الزحف الدائم على الأرض، وأنا أيضا أعيل زوجي العاجز فكان قبل الثورة سليم ولكن في يوم مرير بينما كان في سوق المدينة بمعرة حرمة ركد مسرعا ليتلجأ في قبٍو نتيجة القصف ولكنه وقع على الأرض، مما أدى لكسر في ظهره ورجليه وأصبح عاجزا لا حول له ولا قوة”.
أجبرتني دموعها على البكاء، لم أكن أستطيع فعل أي شيء سوى التعاطف معها والاستماع إليها. مسحت أم حسين دموعها وتابعت: “تعبت من كل شيء في هذه الحياة ليس لدي أمل أفنيت حياتي بمساعدة زوجي وأولادي المرضى، أصبحت أرى قهر العالم كله يجتمع في عائلتي”.
كانت أم حسين تستيقظ منذ الصباح الباكر وتبدأ بالعمل، تغير لهم ملابسهم بما يشمل كل شيء فهم كالأطفال الصغار لا يستطيعون الذهاب للحمام أو حتى قضاء حاجتهم بأنفسهم، وبعدها تعد الفطور إذا وجدت شيء لتعده كما تقول.
تقول بحسرة: “لا أملك غاز لطهي الطعام لكني أقوم بجمع العيدان للطبخ عليها، كما أنني أغسل ملابسهم على يداي، تأقلمت على هذه الحياة البدائية ومن شدة العمل والتعب والارهاق أصابني وجع في أسفل ظهري”.
ودعتني بحسرة وهي تقول “لا تحزني يا ابنتي لا تحزني. فلدي رحمة الله”.
ديمة الموسى
مزايا